جلست في إحدى زوايا غرفتي
وأنوارها مطفأةٌ لتؤنس وحدتي
نطقت قائلاً: ها أنا ذا بمفردي
ولا أحد يعلم عما بجعبتي
دعني أحاور نفسي لعلني
أعرف خفايا وأسرار مُقَيّدي
فأغمضت عيناي والرؤية مقصدي
وأخذت نفساً عميقاً لأرتخي
ها قد بدأت مشوار رحلتي
مسافراً عبر موجات مخيلتي
وأنا أمضي وأسير أثناء سفرتي
توقفت بعد سماع زقزقة معدتي
فرأيت منزلاً أكبر من منزلي
فقلت: يا ليت هذا المكان مسكني
وإذا بي أرى نفسي بداخله وأكتسي
من طعامه ومن شرابه أرتوي
فبسد جوعي لم أكتفي
وأكلت حتى أمتلأت عن آخري
وبعدها قلت يا ليتني أرتمي
على سريرٍ يدفئني ويريحني
فوجدت نفسي بعد قيلولتي
في سريرٍ حجمه ضعف مجلسي
فنهضت عازماً مواصلة مسيرتي
وخرجت من المنزل بعد استراحتي
وإذا بفتاة بظل شجرة تحتمي
وغطائها هو الحجاب الزينبي
فغضضت النظر وخجلت من نظرتي
ولجمال البنت تمنيت أن تكون زوجتي
فحجابها الزينبي أشعل رغبتي
بالزواج منها فهي مطلبي
فجأة أرى نفسي لقربها تنتمي
وأصبحت زوجتي وهو يوم مسعدي
وخرجت معها لأكمل بدايتي
وبالطريق رأيت أطفالاً وكانوا غايتي
فقلت: يا ليت لي أطفالاً لأعتني
بهم وأربيهم ليصبحوا ثمرتي
وما هي إلا برمشةٍ من عيني
حتى رأيت طفلي وطفلتي
هذا هو حالي طوال رحلتي
كلما رأيت شيئاً بات مطلبي
فتوقفت متعجباً من أمري
محدثاً للنفس التي بداخلي
قائلاً:
غريبٌ أمركِ يا نفس ألا تتعبي !!
كل هذه الرغبات ولا تكتفي؟
فقالت:
أنا النفس وما أدراك من أنا
أنا النفس الغافلة عن الفنا
أنا من لا أجد ما يشبعني
وكثرة الرغبات تجيعني
أنا من بالإزدياد ترغب
ومن العجب نفسه لا تعجب
أنا النفس الأمارة بالسوء
وبالظلم يكون لي اللجوء
أنا النفس الطامعة في الخلود
أنا النفس المدمرة لأقوى الجنود
وأنا النفس المتخلصة من أقوى القيود
أنا الإلهاء بعينه
ومن يخرج العبد عن دينه
أعرفت الآن من أنا؟
يا من تطلب الغِنا؟
أنا النفس وما أدراك من أنا